الأنبياء والرسل منّ الله تعالى علينا وأكرمنا بأن بعث إلينا رسله وأنبياءه لهدايتنا وبيان الطريق المستقيم لنا، قال عز وجل: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [آل عمران: 164]. البشر بطبيعتهم ضعفاء، يحتاجون إلى من يستمدون منه القوة والرزق وطمأنينة القلب وغير ذلك، وهذا لا يتوفّر إلا في الإله الذي خلقهم، لذلك كان الكفار يصنعون آلهةً بأيديهم ليعبدوها وسيتمدوا منها القوة، وليبثوا إليها شكواهم ويطلبوا منها حاجاتهم.
من فضله تعالى أن أكرمنا بعبادته وحده وبعث إلينا صفوة خلقه، وكان من نعمه علينا نحن المسلمين خاصةً اتباع دينه القويم وسيد المرسلين. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء/136].
عدد الأنبياء والرسل ما من أمةٍ إلا خلا فيها نذيرٍ، من هنا يتبيّن أن عدد الأنبياء والرسل كثير، وقد ذكر القرآن الكريم اسم خمسةٍ وعشرين نبياً ورسولاً فقط، أوّلهم نبي الله آدم عليه الصلاة والسلام، وخاتمهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
صفات الأنبياء والرسل - أنهم من البشر: هم يأكلون ويشربون وينامون ويموتون، وجميع خصائصهم كخصائص البشر العاديين، وهذه حجةٌ عظيمةٌ من الله تعالى على الناس، ليكونوا قدوةً حسنةً لهم في طاعة الله تعالى والعمل الصالح والأخلاق الكريمة والتعامل الحسن.
- جميعهم من الرجال: فلم يرسل الله تعالى امرأةً نبيّةً؛ لأنّ الرجال هم القادرون على تحمّل أعباء الرسالة ومشاقّها نفسياً وجسدياً وعملياً، كما لا يجوز للمرأة الاختلاط بالرجال.
- أطهر البشر قلوباً: لا يحملون في قلوبهم الغل والحسد والبغض والكره والحقد وما إلى غير ذلك من أمراض القلوب.
- أصدقهم إيماناً: يعبدون الله حق العبادة، وكما أرادها على أكمل وجهٍ، لا يبتغون سمعةً ولا رياءً، بل إخلاصاً وابتغاءً لوجهه الكريم.
- أكملهم ديناً: طبقوا دين الله تعالى كما أنزله عليهم دونما زيادةً أو نقصان.
- أحسنهم أخلاقاً: ما من خلقٍ كريمٍ إلا وهو من خُلق الأنبياء والمرسلين، كالصدق والعفو والصفح والرحمة والكرم والإحسان.
- أقواهم صبراً: فقد تحملوا أشد العذاب وتحملوه في سبيل الله ونشر دينه، وكذلك تحملوا الابتلاءات وصبروا عليها، جاء في الحديث الشريف أن أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء.
- أعظمهم رحمةً: فهم أرحم الخلق بالخلق ولا سيما نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
- أصدقهم حديثاً: فهم المؤتَمَنون على دين الله تعالى، يبلغونه كما نزل، والصدق ملازمٌ لهم ولا يعرفون الكذب.
- أكثرهم علماً: فالمهمة الموكلة إليهم عظيمةٌ، ولا يقدر عليها إلا من علّمه الله من علمه الواسع، وكان قادراً على الإتيان بالأدلة والبراهين حال تكذيب الناس، وعند سؤالهم واستفساراتهم.
- أقواهم أجساداً: فالنبي موسى مثلاً قوته الجسدية تعادل قوة عدد من الرجال، وتجلّى ذلك مثلاً عند رفعه الصخرة التي لا يقوى على حملها عشرة رجال، وكذلك عندما وكز رجلاً فأماته.